جنود الورم تهاجم الأوعية
يحتاج الورم الخبيث إلى الأكسجين وعناصر الغذاء لنموه والتي تصل إليه عن طريق الأوعية الدموية، وإذا حيل بينه وبين ذلك الإمداد الدموي فلن ينمو أكثر من 1-2 ملم.
وهكذا يتوقف زاد الخلايا السرطانية اليومي على قدرتها في الاستيلاء على وعاء دموي وامتصاصه، أو توليد أوعية جديدة بواسطة الإفرازات البروتينية " growth factors " محفزة بذلك عملية توليد أوعية دموية، وينظر لتلك الإفرازات كأبرز المتهمين في عملية التغذية الوعائية للأورام، فعندما تفرز هذه المادة تلتصق بمستقبلات الخلايا الطلائية المبطنة لجدران الأوعية الدموية المجاورة وتعمل على تنشيطها وعلى الفور يتم توليد الأوعية الدموية الجديدة.
يحدث السيناريو السابق في حالة الأورام الوعائية، أما الأورام غير الوعائية فيتساوى معدل موت الخلايا مع معدل توليد الخلايا الجديدة، وبهذا يبقى الورم على ما يعرف بحالة الكمون، ويكتم حاجته للغذاء إلى أن تحين الفرصة لمهاجمة وعاء دموي سليم، وفي هذه اللحظة يتحول الورم الخبيث إلى حيوان شرس يبحث عما يلتهمه بوحشية وجشع.
وبمجرد إعلان الورم عن حاجته إلى التغذية؛ يطلق إشارة البدء بالتحول الوعائي لصالح الورم الخبيث، فتنطلق جزيئات الـ(VEGF)، والتي تهاجم الوعاء الدموي السليم بطريقة شبه هرمونية، ليكون بذلك فريسة سهلة لتلك الجنود الطيعة التي أرسلها الورم الخبيث، وتبدأ بعدها في الالتفاف والانتشار حول الوعاء الدموي السليم تماما كما تنتشر بقعة زيت على ورق جاف، وتعمل تلك الجزيئات المجندة على تحويل اتجاه الوعاء الدموي السليم بطريقة تمكن الخلايا السرطانية من سد جوعها النهم، وما هي إلا أيام قليلة حتى تتمكن الخلايا السرطانية من توليد أوعية دموية خاصة تمدها بغذائها إلى حد الإشباع، وبهذا يحاط الورم بشبكة من الأوعية الدموية التي تؤمن له البقاء وتضمن له النمو، بل غزو أراض جديدة من الجسم المصاب، كما تلعب جزيئات الـ (VEGF) دورا مهما ليس فقط في توليد الأوعية السرطانية بل في الإبقاء على وجودها أيضا.
وهكذا تعمل تلك الخلايا على توليد أوعية سرطانية جديدة وغير سليمة، لا هم لها سوى إمداد الورم بحاجته من الدماء، وتعرف هذه العملية باسم عملية توليد الأوعية الدموية angiogenesis التي تسهم بشكل فعال في زيادة النمو السرطاني وتنشيط عملية الانبعاث أو الانتشار السرطاني للورم الذي أصبح نشطا الآن بفعل التغذية الدموية الجديدة.